رياضة

كرة القدم النسائية في مصر: التطور والتحديات الرئيسية

تبدأ كرة القدم النسائية في مصر بفتيات صغيرات يلعبن حفاة في شوارع متربة، بينما يواجهن رفض العائلات والمجتمع. تدور القصة حول أهداف تُسجل في الخفاء، وجيران يرفضون الفكرة، لكن إصرارًا يتحدى كل العقبات. في 1998، شهدت مصر أول ظهور للمنتخب الوطني للسيدات، وبعد 26 عامًا، تستمر المعركة – ليس فقط على الميدان الأخضر، بل في المدارس والمنازل وقاعات الاجتماعات. الموهبة حاضرة، والشغف مشتعل، ولكن الدعم لا يزال محدوداً.

الأسس الأولى لكرة القدم النسائية في مصر

نشأت كرة القدم النسائية في مصر بهدوء، بعيدًا عن الأضواء، كحلم خافت يختبئ بين طموحات الفتيات. في عام 1998، تشكّل أول منتخب وطني للسيدات بقيادة المدرب محمود عبد الرحمن، ليخوض أولى تجاربه في بطولة إفريقيا في العام نفسه. كانت تلك خطوة تاريخية، رغم الخسارة في جميع المباريات، لأنها كسرت حاجز الصمت المحيط بمشاركة المرأة في هذه الرياضة. لم تكن هناك جماهير تُشجّع، ولا دعم يُذكر، بل فقط إرادة لاعبات آمنّ بأنفسهن وبحقهن في اللعب.

لكن الطريق ظلّ شاقًا. لم تمتلك البلاد حينها منظومة حقيقية لرعاية المواهب؛ لا أكاديميات متخصصة، ولا دوريات للفتيات في الفئات السنية. كثيرات اضطررن للتدرب مع فرق الفتيان، أو التوقف عن اللعب بعد انتهاء الدراسة. ومع ذلك، واصلت بعضهن اللعب بشغفٍ خالص، دون مقابل مادي أو اعتراف رسمي. حتى الدوري المحلي بقي هشًّا، يفتقر إلى التمويل والدعاية والاهتمام الإعلامي. واليوم، ومع تطور المشهد الرياضي وظهور منصات تحليل الأداء مثل لاين بيت للمراهنات، بدأت فئة من المتابعين تتابع كرة القدم النسائية بعين مختلفة – أكثر وعيًا بالإحصائيات، وأكثر انفتاحًا على قراءة اللعبة كمساحة تنافس حقيقية، لا مجرد هامش رياضي.

ورغم كل ذلك، لم تنطفئ شعلة الشغف. سافرت بعض اللاعبات بحثًا عن فرص أفضل، بينما بقيت أخريات، وأصبحن اللبنة الأولى — نواة صلبة لم تبنها المؤسسات، بل شكّلتها الإرادة والإيمان. كانت البداية متواضعة، لكنها كانت حقيقية، نابعة من قلوب اللاعبات قبل أي شيء آخر.

 

الجهود الوطنية ودعم الاتحاد المصري لكرة القدم 

لم يبدأ الاتحاد المصري لكرة القدم (EFA) باتخاذ خطوات جادة لدعم كرة القدم النسائية إلا في السنوات القليلة الماضية. قبل ذلك، كان الدوري يُلغى بشكل متكرر أو يُقام بمشاركة محدودة من الفرق، وسط غياب شبه تام للهيكل التنظيمي المستقر.

لكن بعض الأمور بدأت تتغير مؤخرًا:

  • دعم مالي للدوريات المحلية: في عام 2020، زاد الاتحاد المصري من التمويل المخصص لفرق السيدات في الدوري الممتاز.
  • تأهيل الكوادر الفنية: أُطلقت برامج لتدريب المدربات والحكمات، مما رفع من جودة اللعبة وفتح أمام النساء أبوابًا جديدة للعمل في المجال الرياضي.
  • الاهتمام بالفئات الناشئة: تم افتتاح مدارس كروية للفتيات تحت 15 سنة في مناطق مثل القاهرة والجيزة، لاكتشاف المواهب مبكرًا وصقلها.
  • معسكرات تدريب دولية: أصبح المنتخب الوطني للسيدات ينظّم معسكرات خارجية بانتظام، تتخللها مباريات ودية مع فرق من دول مثل الأردن ولبنان والسودان.

ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود محدودة النطاق. فالغالبية العظمى من الفتيات في صعيد مصر والمناطق الريفية لا يزلن يواجهن نقصًا في التدريب المناسب والمعدات الأساسية. صحيح أن الاتحاد أحرز تقدمًا ملموسًا، لكن ما تحقق حتى الآن لا يمثل سوى الخطوة الأولى في طريق طويل نحو تحقيق العدالة الكروية.

القيود والنظرة المجتمعية

وراء كل فتاة مصرية تركل كرة القدم، جدار كان عليها أن تتسلّقه. هذه العوائق ليست بدنية، بل ذهنية واجتماعية وثقافية متجذرة. بعض الفتيات لا يُمنحن حتى فرصة البدء، وأخريات ينسحبن بفعل الخوف أو الخجل. في كثير من القصص، تبدأ الشرارة بمباراة صغيرة في الحي، أو بمحاولة خفية للّعب في المدرسة، أو حتى عبر متابعة المباريات وتحليلها من خلال تحميل Linebet، الذي سهّل الوصول إلى الفرق النسائية في جميع أنحاء العالم. المشكلة ليست فقط في غياب الدعم، بل في وجود مقاومة نشطة. مدربون يرفضون الفتيات، ومدارس تلغي الفرق، وأسر تخشى كلام الناس فتمنع بناتها من الاستمرار. الرهان على كرة القدم النسائية في مصر لا يدور حول الأداء فقط، بل حول ما إذا كان يُسمح للفتيات بالوجود أصلًا على أرض الملعب.

المرأة في وجه الأعراف الرياضية

في كثير من العائلات المصرية، لا يزال يُنظر إلى ممارسة الفتيات لكرة القدم كأمر مُخجل. يُقال لهن إن اللعبة “تنتقص من أنوثتهن”، ويحذرن من أن مواصلتهن اللعب قد يمنعهن من الزواج لاحقًا. الأمر لا يقتصر على الأقوال فقط، بل يتحوّل إلى ضغوط ملموسة: تُسحب الفتيات من التدريبات، وتُمنع عنهن القمصان، وتُخزن الأحذية خلسة داخل الحقائب المدرسية حتى لا يكتشف الأهل الأمر.

هذه المقاومة تتجذّر أكثر في المناطق المحافظة كالصعيد والدلتا، لكن حتى في القاهرة، تواجه اللاعبات نظرات استغراب وسخرية وتجاهل. لا قدوات علنية، لا أبطال يُحتذى بهم. كرة القدم حاضرة في كل زاوية من مصر، لكنها، بالنسبة للفتيات، تظل حلمًا بعيد المنال. المشكلة ليست في قلة رغبة الفتيات باللعب، بل في مجتمع لا يزال يرفض منحهن الحق في اللعب.

غياب الدعم وبنية تحتية هشّة

حتى أكثر الفتيات إصرارًا في مصر لا يمكنهن اللعب من دون ملعب، أو كرة، أو فريق. لكن بالنسبة لغالبية الراغبات، تبدو هذه الأساسيات وكأنها امتياز نادر. الأندية التي تفتح أبوابها للفتيات قليلة، وغالبًا ما تعاني من ضعف في التمويل والاهتمام. الفجوة بين كرة القدم الرجالية والنسائية ليست مجرد فجوة… إنها هوّة تتسع عامًا بعد عام.

ما الذي تفتقده لاعبات كرة القدم النسائية في مصر؟

  • مرافق التدريب: العديد من الفرق تتقاسم ملاعب متهالكة مع طلاب المدارس، أو تتدرّب في مساحات مفتوحة غير مهيّأة.
  • المعدات والأطقم: الأزياء غالبًا غير موحّدة أو بالية، وتضطر اللاعبات لشراء مستلزماتهن من مالهن الخاص.
  • الرواتب والحوافز: معظمهن لا يحصلن على أي أجر، بل يدفعن اشتراكات الأندية من جيوبهن لمجرد الاستمرار.
  • الرعاية الطبية: الإصابات شائعة، لكن العلاج نادر، فمعظم الفرق لا تملك القدرة على توفير طبيب أو حتى إسعافات أولية منتظمة.

وفي ظل غياب دوري مستقر، وندرة التغطية الإعلامية، وانعدام شبه تام للرعاية، تجد حتى أكثر الفتيات موهبة أنفسهن أمام طريق غير ممهد. ليس لأنهن لا يملكن الشغف، بل لأن البيئة من حولهن لا تمنحهن فرصة حقيقية للمضي قدمًا.

القدوة الملهمة وقصص النجاح

دخلت سارة عصام التاريخ كأول امرأة مصرية تلعب في المملكة المتحدة، عندما انضمت إلى نادي ستوك سيتي في 2017، وهي في سن الـ18 فقط. بعد أن لاقت شهرة واسعة، بدأت منصات رياضية مثل لاين بيت تسجيل في تسليط الضوء على قصص لاعبات عربيات نجحن خارج بلدانهن، مما ساعد في تغيير الصورة العامة. اليوم، سارة لا تقتصر شهرتها على كونها لاعبة، بل أصبحت معلقة في دوري أبطال أوروبا وقدوة لآلاف الفتيات المصريات. قصتها استثنائية، لكنها ليست حالة معزولة، بل نموذج لما يمكن تحقيقه عندما تلتقي الموهبة مع الفرصة.

إلى جانبها، تبرز إنجي أحمد، التي قادت منتخب مصر تحت 20 عامًا وأدت فريقها إلى الفوز بثلاثة ألقاب في الدوري، رغم أنها كانت تدرب أثناء دراستها للهندسة. وهناك أيضًا فريال أشرف، التي فازت بأول ذهبية أولمبية لمصر في الكاراتيه عام 2021، وأصبحت داعمة قوية للنساء في الرياضة، بما في ذلك كرة القدم.

هذه النساء لا يتحدين القوالب النمطية فحسب، بل يفتحن أبوابًا جديدة للأمل. لقد أصبحن رموزًا للقوة والإرادة في مجتمع غالبًا ما يغفل دورهن. بوجودهن، يُرسَلُ رسالة مهمة للفتيات الصغيرات: “يمكنك أن تحلمي بأحلام أكبر، وليس من الضروري مغادرة مصر لتحقيق النجاح.”

الخطط المستقبلية والرؤية المستقبلية للنمو

يقول الاتحاد المصري لكرة القدم إنه يطمح إلى إنشاء دوري نسائي محترف بحلول عام 2030. هناك خطط لتأسيس أكاديميات للشباب في خمس محافظات، بالإضافة إلى مناقشات حول شراكات دولية مع أندية في إسبانيا وألمانيا. لكن الوعود وحدها لا تكفي لبناء الملاعب أو تدريب المدربين. الخطوة التالية تتطلب عملًا حقيقيًا: سريعًا، مدعومًا بالتمويل. الفتيات المصريات مستعدات. والآن يجب على النظام اللحاق بالركب.

السابق
دور التكنولوجيا المالية في توصيل الرياضة لسكان مصر